الرئيسية المال لماذا قد يرتفع سعر بيتكوين بعد أشهر من التداول الجانبي؟

لماذا قد يرتفع سعر بيتكوين بعد أشهر من التداول الجانبي؟

شهد البيتكوين في 2025 تحوّلاً ملحوظاً من المضاربة السّريعة إلى مرحلة استقرارٍ تدريجيٍّ، مع تزايد الوزن المؤسّسي وتحوّل السّوق نحو النّضج والاعتماد الماليّ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

لم يكن عام 2025 كما تخيّله عشّاق البيتكوين. فبينما توقّع المستثمرون أن يكون عاماً تاريخيّاً لهٰذه العملة الرّقميّة، جاءت النّتائج مختلفةً تماماً عن التّطلّعات. ففي يوم الأحد الأخير، تراجع سعر البيتكوين بمعدّل 2.2% ليصل إلى 93,135 دولاراً، فتحوّلت مكاسبه منذ بداية العام إلى خسارةٍ طفيفةٍ بلغت 0.03% فقط.

عند انطلاق العام، سادت أجواء تفاؤلٍ واسعةٍ، إذ توقّع المحلّلون أن يشهد البيتكوين طفرةً كبرى مدعومةً بعوامل متعدّدةٍ، أبرزها تركيز إدارة ترامب على دعم العملات المشفّرة، وتوقّعات خفض أسعار الفائدة، إضافةً إلى تنامي الطّلب من صناديق المؤشّرات المتداولة. ومع ذٰلك، لم يتحقّق السّيناريو الموعود، إذ جاءت النّتائج الفعليّة أقلّ بكثيرٍ من الطّموحات.

فعلى الرّغم من أنّ اعتماد العملات الرّقميّة توسّع ليشمل حكوماتٍ ودولاً، وأنّ البيتكوين بات يشكّل ركيزةً لعددٍ من المنتجات الماليّة الرّائجة في وول ستريت، فإنّ الرّياح الإيجابيّة الّتي كان يفترض أن تدفع السّعر نحو الصّعود لم تتحوّل إلى قوّةٍ حقيقيّةٍ في السّوق. وبدلاً من ذٰلك، ظلّ الأصل الرّقميّ يتحرّك أفقيّاً دون اتّجاهٍ واضحٍ، بينما تفوّقت عليه الأسهم والذّهب والسّندات منذ مطلع العام، ممّا أضعف الثّقة في استمراريّة موجة الصّعود السّابقة.

ووفقاً لتحليلٍ صادرٍ عن The Kobeissi Letter، خسر سوق العملات المشفّرة بأكمله نحو 1.1 تريليون دولارٍ من قيمته السّوقيّة خلال 41 يوماً فقط، وهو تراجعٌ يعكس هشاشة الزّخم الحاضر في قطاع الكريبتووللتّوضيح، يظهر تاريخ البيتكوين أنّه لم يسجّل عائداً سنويّاً سلبيّاً إلّا ثلاث مرّاتٍ منذ عام 2010، فيما حقّق في معظم الأعوام مكاسب مذهلةً تراوحت بين 95% و 9,900%. وتجعل هٰذه المسيرة الحافلة الأداء الحاليّ موضع تساؤلٍ، إذ لم يعتد المستثمرون ركوداً ممتدّاً بهٰذه الطّريقة.

ويفسّر المستثمر الكلّيّ المخضرم جوردي فيسر هٰذا الأداء بأنّه إشارةٌ إلى نضج البيتكوين وتحوّله من أصلٍ مضاربيٍّ إلى فئة أصولٍ مؤسّسيّةٍ أكثر استقراراً. فالمستثمرون الأوائل الّذين دخلوا السّوق بدوافع أيديولوجيّةٍ قبل عقدٍ من الزّمن حقّقوا عوائد هائلةً، وربّما بدؤوا الآن بتصفية مراكزهم تدريجيّاً ونقل الملكيّة إلى مؤسّساتٍ ماليّةٍ ومستثمرين جددٍ.

وقد شبّه فيسر هٰذه المرحلة بما يحدث في الأسواق التّقليديّة عند الطّرح الأوّليّ للأسهم، وقال في مقالٍ حديثٍ: "في العالم التقليدي، تُعرف هذه اللحظة بمرحلة الطرح العام، وهي النّقطة الّتي يبدأ فيها المستثمرون الأوائل بتسييل استثماراتهم بعد سنواتٍ من المخاطرة، ويجني فيها المؤسّسون ثمار جهودهم، بينما تعيد شركات رأس المال المغامر عوائدها إلى شركائها؛ إنّها ليست لحظة فشلٍ، بل علامةً على النّضج والنّجاح، إذ لا تنتهي الشركة عند هذا الحد، بل تنتقل إلى مرحلةٍ جديدةٍ تتسع فيها قاعدة الملكيّة وتترسخ فيها مكانتها في السوق."

وبالقياس على ذلك، يرى فيسر أنّ الرّكود السّعريّ الحاضر ليس ضعفاً بقدر ما هو مرحلةٌ انتقاليّةٌ طبيعيّةٌ تشهد السّوق فيها تغيّراً في تركيبة المستثمرين. فالأموال القديمة تخرج، ورؤوس الأموال الجديدة تدخل في حركةٍ بطيئةٍ وغير منتظمةٍ، يتخلّلها التّجميع والتّصحيح الهادئ.

وبهذا المعنى، واجه الزخمُ السّياسيّ والانتشارُ المؤسّسيّ المتزايد للبيتكوين واقعاً مغايراً للتّوقعات، إذ بدأ المستثمرون القدامى يجنون أرباحهم ويخفّفون من مراكزهم في السّوق، الأمر الّذي خلق توازناً نسبياً في حركة التّداول. ونتيجةً لذلك، اكتسب الأصل الرّقميّ مزيداً من الصّلابة والانتشار، واقترب تدريجياً من الخضوع لآليات السّوق نفسها الّتي تحكم الذّهب والأسهم.

وعلى الرّغم من هٰذه المرحلة المتباطئة، ما زالت جي بي مورغان ترى في البيتكوين فرصةً للنّموّ خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، إذ كتب محلّلوها في مذكّرةٍ بحثيّةٍ حديثةٍ: «بيّنت التجربة أن تكلفة إنتاج البيتكوين تشكّل حاجزاً سعرياً قوياً يمنع الانخفاض الحاد، ولهذا فإنّ بلوغ كلفة الإنتاج نحو 94,000 دولارٍ يشير إلى أنّ فرص تراجع السّعر تبقى ضئيلةً للغاية.»

ويضيف البنك أنّه يتوقّع أن يصل سعر البيتكوين إلى 170,000 دولارٍ خلال فترةٍ تتراوح بين ستّةٍ واثني عشر شهراً، إذا استمرّ الزّخم المؤسّسيّ وبدأت السّياسات النّقديّة بالتّحوّل نحو التّيسير.

وهٰكذا، يبدو أنّ البيتكوين يعيش مرحلة تحوّلٍ استراتيجيّةٍ أكثر من أنّه يواجه أزمةً سعريّةً. فبينما تنحسر المضاربات القصيرة الأجل، يزداد الوزن المؤسّسيّ في ملكيّة العملة، ويقترب السّوق تدريجيّاً من النّضج الّذي قد يجعل البيتكوين في المستقبل أحد الأعمدة المستقرّة في النّظام الماليّ العالميّ، لا مجرّد أصلٍ عالي المخاطر كما كان في بداياته.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
زمن القراءة: 4 دقائق قراءة
آخر تحديث:
تاريخ النشر: