إيلي متري: من 5000 دولارٍ إلى ثورةٍ روبوتيّةٍ خليجيّةٍ
اختارت مجلّة "عربية .Inc" الدّكتور إيلي متري، مؤسِّس (QSS AI & Robotics)، ضمن قائمتها السنويّة Gamechangers 2025، تكريمًا لدوره في قيادة تحوّل الذّكاء الاصطناعيّ في العالم العربيّ

لم يكتف الدّكتور إيلي متري، المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ وعضو مجلس الإدارة التّنفيذيّ لشركة "كيو إس إس إيه آي آند روبوتيكس" (QSS AI & Robotics)، الّتي اتّخذت من المملكة العربيّة السّعوديّة منطلقاً لرؤيتها، بأن يكون تابعاً في عالم التّقنية، بل أصرّ على أن يعيد رسم حدود الابتكار من أرض الجزيرة إلى أقاصي العالم.
تحت قيادته، شهدت الشّركة ميلاد الرّوبوت البشريّ الأنثويّ "سارة" عام 2023، لتتبعه بإطلاق "محمّدٍ" في مؤتمر "ديب فست" (DeepFest) في 2024، ثمّ أعلنت عن "سعودٍ"، الرّوبوت القادر على التّفاعل باللّهجة السّعوديّة إلى جانب لغاتٍ عدّةٍ، وصولاً إلى الرّوبوت الصّناعيّ البشريّ "مساعدٍ". لم يكن لهذه الرّوبوتات أن ترى النّور لولا منشآت التّصنيع الّتي شيّدتها الشّركة في مدينة سدير الصّناعيّة في قلب المملكة؛ حيث صيغت الملامح الأولى لهذا التّحوّل بأيدٍ محلّيّةٍ وبصيرةٍ عالميّةٍ.
لكنّ الحكاية لا تروى بالأسماء وحدها، بل بخطوات رجلٍ آمن بأنّ الدّرب يمهّد لمن يجرؤ على ابتداعه. يقول الدّكتور متري: "لم أتبع الطّريق، بل صنعته. من قرضٍ لم يتجاوز 5000 دولارٍ أمريكيٍّ، إلى تأسيس أوّل مصنعٍ للرّوبوتات في السّعوديّة، خضت مغامراتٍ كانت تبدو مستحيلةً: روبوتات بشريّة تُبنى في الخليج، وحلول ذكاءٍ اصطناعيٍّ تصاغ محلّيّاً، وتقنيّات صناعيّة باتت تنافس في ميادين العالم".
ولم يكن صوته المؤثّر على منصّة "لينكدإن" (LinkedIn) إلّا امتداداً لرؤيته الجوهريّة: أن يرسّخ مكانة الخليج العربيّ بوصفه حاضنةً للتّقنية المتقدّمة، لا مجرّد مستهلكٍ لها. يقول متري: "نحن نعالج ثلاث أزماتٍ جوهريّةٍ في الخليج: الارتهان للتّقنية المستوردة، فراغ القوى العاملة في الصّناعة، وغياب حلول الذّكاء الاصطناعيّ الموطّنة. حين نصنع روبوتاتٍ كـ "سارة" و"محمّدٍ" و"مساعدٍ" بأيدٍ سعوديّةٍ، نتحوّل من مستهلكين إلى صنّاعٍ حقيقيّين للتّقنية".
ولأنّ QSS AI & Robotics هي بذرةٌ سعوديّةٌ ذات طموحٍ عالميٍّ، فقد استثمرت ريادتها في تطوير روبوتٍ متنقّلٍ مستقلٍّ، قادرٍ على تنفيذ مهامّ الفحص وإدارة المنشآت والتّوصيل والمراقبة والنّقل، بالإضافة إلى ابتكار طائراتٍ مسيّرةٍ ذاتيّة القيادة. ويعتقد متري أنّ اندماج الرّوبوتات مع الذّكاء الاصطناعيّ سيحوّل حلول "الشّركة" إلى ركائز لصياغة ملامح المستقبل في المنطقة.
يقول: "صنعنا حلولنا لهذه الأرض: من اللّغة إلى الثّقافة والمناخ. واليوم تطبّق فعليّاً في المطارات والمصانع ومشاريع المدن الذّكيّة. ليست الغاية الأتمتة المجرّدة، بل تمكين الكفاءة الوطنيّة وبناء مستقبل التّقنية بأيدينا". ويضيف بثقةٍ: "لم يعد الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا تابعاً في سباق الذّكاء الاصطناعيّ، بل صار منافساً أصيلاً، خصوصاً مع موجة الاستثمارات غير المسبوقة في السّعوديّة والإمارات. لم نعد سوقاً تستهلك؛ أصبحنا مركزاً للابتكار. وما يمنحنا الرّيادة أنّنا نبني الذّكاء الاصطناعيّ من الرّياض ليلبّي تحدّياتنا الثّقافيّة والاقتصاديّة المحلّيّة. وهذا سرّ التّفرّد. أؤمن بأنّ المنطقة ستلعب دوراً محوريّاً في رسم ملامح ذكاءٍ اصطناعيٍّ مسؤولٍ وشاملٍ، يعبّر عن ثراء التّنوّع الإنسانيّ، لا صورة الغرب وحده".
ويتطلّع متري إلى الغد بإيمانٍ أنّ الجمع بين الذّكاء الاصطناعيّ والرّوبوتات والأتمتة سيخلق للعالم العربيّ نافذةً تاريخيّةً لا تتكرّر: "نمضي نحو واقعٍ يكون فيه الذّكاء الاصطناعيّ قائداً للصّناعات، لا مجرّد معزّزٍ لها. أرى الرّوبوتات البشريّة، والأنظمة الذّاتيّة، والبنى التّحتيّة المدفوعة بالذّكاء الاصطناعيّ تدخل يوميّات القطاعات جميعها، من اللّوجستيّات إلى الأمن والخدمات العامّة. أكثر ما يحمّسني هو التّحوّل من استيراد الحلول إلى تصديرها. يملك الخليج اليوم المواهب والرّؤية ورأس المال ليقود سباق الذّكاء الاصطناعيّ العالميّ بدل أن يكون تابعاً. اقتصاديّاً، يعني ذلك انبثاق صناعاتٍ جديدةٍ، ووظائف عالية القيمة، وتحوّلاً من اقتصاد النّفط إلى اقتصاد الإبداع. تلك الثّورة الّتي طالما حلمنا بها يخطّ الذّكاء الاصطناعيّ فصولها الأولى أمام أعيننا".