أسعار النّفط قد تشهد قفزةً كبيرةً بعد هجوم ترامب على إيران
يمكن لتدخّل الجيش الأمريكيّ في منطقةٍ تتحمّل مسؤوليّة ثلث إنتاج النّفط العالميّ أن يرفع وتيرة التّصعيد بشكلٍ دراماتيكيٍّ

استعرت سوق النّفط لعدّة أيّامٍ على وقع التّرقّب والتّوتّر، في ظلّ ترقّب المتاجرين إمكانيّة انضمام الولايات المتّحدة إلى إسرائيل في ضرب إيران. وبعد أن وضح الجواب، بدت الأسعار على أعتاب طفرةٍ قد تكون عاصفةً.
لم تفتح سوق العقود الآجلة لخام النّفط بابها بعد؛ فمن المقرّر أن تبدأ في السّاعة السّادسة مساءً، وفق توقيت السّاحل الشّرقيّ للولايات المتّحدة، وذلك في الوقت نفسه الّذي تنطلق فيه تداولات الأسهم الآجلة. وسيشكّل ذلك الوقت أوّل إشارةٍ على شدّة ردّ فعل المستثمرين على تصعيد الولايات المتّحدة للنّزاع.
ارتفعت أسعار خام "برنت" منذ أن شنّت إسرائيل هجومها في 12 يونيو، فصعد السّعر من 70.36 دولاراً للبرميل إلى 77.27 دولاراً مع ختام تداولات يوم الجمعة، وبلغ ذروته عند 79.02 دولاراً.
زاد تدخّل الجيش الأمريكيّ في نزاعٍ يجري في مناطق تنتج نحو ثلث إمدادات النّفط العالميّة من حدّة التّوتّر بشكلٍ خطيرٍ. وحذّر بعض المحلّلين من إمكانيّة وصول الأسعار إلى 100 دولارٍ للبرميل، وذلك إذا ردّت إيران كما توعّدت. وقال وزير الخارجيّة الإيرانيّ، "عبّاس عراقجي"، في نشرةٍ على (X): "تحتفظ إيران بكلّ الخيارات للدّفاع عن سيادتها وشعبها"، وصفاً الهجمات الأمريكيّة بأنّها «فاضحةٌ ومشينةٌ».
سبقت "هيليما كروفت"، رئيسة استراتيجيّات السّلع في مصرف (RBC Capital Markets)، هذا التّطوّر بتحذيرٍ وجّه إلى العملاء، أشارت فيه إلى أنّ مخاطر ارتفاع الأسعار كانت تتصاعد بوتيرةٍ حادّةٍ، وقالت: "نراهن على أنّ مخاطر انقطاعٍ خطيرٍ في الإمدادات قد تتضاعف في سيناريو حربٍ مطوّلةٍ".
تفاوتت الرّؤى، فلم يجزم الجميع بقدوم موجة ارتفاعٍ عارمةٍ. وكتب "بشّار الحلبيّ"، كبير محلّلي أسواق الطّاقة في شركة (Argus Media)، على (X): "نحن نسير في أرضٍ مجهولةٍ".
وأضاف: "ما يزال غير واضحٍ إن كان علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، بعد أن تكبّد خسائر فادحةً في أعمدة نظامه، يملك القدرة على التّصرّف برؤيةٍ. وإشعال المنطقة لا يبدو خياراً مأموناً لطهران. في سوابق سابقةٍ، تحمّلت إيران ضرباتٍ أو ردّت بشكلٍ محدودٍ لتجنّب تصعيدٍ قد يؤدّي إلى زعزعة نظامها. … والخطوات التّالية، من طرف إيران وأميركا والخليج، ستشكّل ملامح المستقبل، ربّما على نطاقٍ عالميٍّ، بطرقٍ لا نستطيع توقّعها بعد".
تصدّر السّؤال حول إمكانيّة إغلاق إيران لـ"مضيق هرمز" نقاشات المراقبين. فهو ممرٌّ بحريٌّ ضيّقٌ في الخليج، يمرّ عبره نحو 25٪ من شحنات النّفط العالميّة المصدّرة بحراً. وقد صوّت البرلمان الإيرانيّ بالإجماع يوم الأحد لصالح ذلك، إلّا أنّ ذلك التّصويت كان ذو طابعٍ رمزيٍّ، إذ إنّ صلاحيّة القرار تقع ضمن صلاحيّات "المجلس الأعلى للأمن القوميّ".
في حال حدوث ذلك، سواءً عن طريق سفنٍ أو هجماتٍ بالطّائرات المسيّرة، فإنّ الأسعار سترتفع بشكلٍ شبه مؤكّدٍ، وقد تتسع تبعات ذلك لتشمل أوروبّا وسائر دول الطّاقة المستهلكة، لا الولايات المتّحدة فقط. (وكان وزير النّقل البحريّ اليونانيّ قد وجّه نصيحةً لمالكي السّفن بإعادة تقييم المرور في المضيق).
حذّر مصرف (Deutsche Bank) من أنّ إغلاق المضيق قد يرفع سعر البرميل إلى 124 دولاراً، مع الإشارة إلى أنّ ذلك سيلحق الضّرر بالاقتصاد الإيرانيّ ذاته، إذ سيحول دون تصدير نفطه.
وعلى الرّغم من أنّ سعر 100 دولارٍ للبرميل يثير مواجع السّوق، إلّا أنّه ليس بالأعلى في السّجل الحديث؛ ففي عام 2008، بلغ خام "برنت" نحو 150 دولاراً للبرميل، إثر خفض دول الإنتاج للإمدادات.