OpenAI تُشعل سباق البنية التحتية بتمويلٍ قدره 40 مليار دولار
ليقفز تقييم الشّركة إلى 300 مليار دولار، وتطلاق مشروع Stargate لتدريب 500 مليون مستخدم أسبوعيّاً، وسط سباقٍ عالميٍّ على قيادة الذّكاء الاصطناعيّ

تتواتر الأحاديث عن "فقّاعة" الذّكاء الاصطناعيّ، غير أنّ شركة "أوبن إيه آي" أثبتت أنّ الطّلب على العقول والخوارزميّات ما زال في صعودٍ عموديٍّ، إذ أغلقت أكبر جولة تمويلٍ في تاريخ الشّركات النّاشئة بقيمة 40 مليار دولارٍ بقيادة "سوفت بانك" (SoftBank)، لترتفع قيمتها إلى 300 مليار دولارٍ. رقمٌ واحدٌ كهٰذا يكفي لهزّ سوق رأس المال الجريء، غير أنّ الأبعاد الحقيقيّة لا تبدأ إلّا من هٰهنا. [1]
قسّمت الجولة إلى شريحتين: تضخّ 10 مليارات دولارٍ فوراً، على أن تتبعها 30 مليار دولارٍ مع نهاية العام، إذا استكملت "أوبن إيه آي" انتقالها القانونيّ إلى شركةٍ هادفةٍ للرّبح. يعكّس هٰذا التّرتيب رغبة المستثمرين الجامحة في رؤية خارطة طريقٍ واضحةٍ للعائدات، قبل تحرير نصف التّمويل المتبقّي. تراهن "سوفت بانك"، بقيادة ماسايوشي سون، على أنّ السّيطرة على البنية التّحتيّة للذّكاء الاصطناعيّ ستعيد رسم توازن القوى في العقد المقبل. [3] [2]
وعلى الرّغم من تعهّد "سوفت بانك" بالتّحلّي بـ"الانضباط الماليّ"، تهمس أوساط وول ستريت بأنّ الصّفقة مموّلةٌ برافعة دينٍ ثقيلةٍ قد تضغط على التّصنيف الائتمانيّ للشّركة إذا انخفضت قيمة أصولها المدرجة. بمعنًى آخر: إذا خفّت وتيرة الذّكاء الاصطناعيّ، فقد يتحوّل هٰذا الرّهان الجريء إلى عبءٍ ثقيلٍ غير مسبوقٍ على عملاق التّكنولوجيا اليابانيّ. ومع ذٰلك، يرى ماسايوشي سون أنّ هٰذه الصّفقة تمثّل "لحظة أرامكو" ثانيةً؛ فرصةً نادرةً لتنظيم الإنتاج في قطاعٍ ينتج ترليونات الدّولارات من القيمة سنويّاً. [3]
وفي خطوةٍ موازيةٍ، تعتزم "أوبن إيه آي" استثمار المليارات ليس فقط في البحث العلميّ، بل أيضاً في مشروع بنيةٍ تحتيّةٍ داخليّاً يعرف باسم "ستارغيت" (Stargate)، وهو تحالفٌ ثلاثيٌّ مع "أوراكل" (Oracle) و"سوفت بانك" لبناء مراكز بياناتٍ فائقة القدرة على الأراضي الأميركيّة. الغاية: تدريب نماذج لغويّةٍ أضخم بعشرة أضعافٍ من "جي بي تي-4" (GPT-4)، ودعم قاعدة مستخدمين أسبوعيّةٍ تقارب 500 مليون مستخدمٍ. لا يتعلّق الأمر بمنافسة "تشات جي بي تي" (ChatGPT) مع خصمٍ جديدٍ، بل ببناء الأساس الكهربائيّ السّحابيّ لعصر الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ برمّته.
وقد أشعلت هٰذه الخطوة سباق تسلّحٍ شرساً مع "إكس إيه آي" (xAI) التّابعة لإيلون ماسك و"أنثروبيك" (Anthropic) المدعومة من أمازون، حيث يتطلّع الطّرفان إلى جولات تمويلٍ تتجاوز 20 مليار دولارٍ.
تعيد هٰذه الفجوة في التّقييم إلى الأذهان مشهد "فيسبوك-مايسبيس" عام 2007: لاعبٌ ينفرد بأفضليّة السّرعة ويشيّد حائط حمايةٍ رأسماليّاً يصعب تجاوزه. وإذا حافظت "أوبن إيه آي" على وتيرتها الحاليّة، فلن يكون أمام منافسيها إلّا الولوج إلى أسواق المال العامّة أو التّحالف مع عمالقة الأجهزة مثل "إنفيديا" (Nvidia) لمجاراة السّباق. [4] [5]
أمّا في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، فتأتي هٰذه الصّفقة في توقيتٍ حاسمٍ؛ إذ بلغ حجم التّمويل العالميّ في الرّبع الأوّل من عام 2025 نحو 113 مليار دولارٍ،وهو أعلى مستوًى منذ عام 2022،مدفوعاً بالجولات العملاقة لشركات الذّكاء الاصطناعيّ. وبينما يظلّ التّمويل المبكّر خاضعاً لضغوطٍ مستمرّةٍ، تفتح مشاريع البنية التّحتيّة العميقة نافذةً ذهبيّةً أمام الصّناديق السّياديّة والشّركات العائليّة لإبرام شراكاتٍ استراتيجيّةٍ تتجاوز تطبيقات المستهلكين السّطحيّة. [6]
ماذا يعني ذٰلك لروّاد الأعمال؟
• البنية التّحتيّة أوّلاً؛ تتّجه موجة الاستثمار الجديدة نحو الطّبقات التّحتيّة (الرّقائق، مراكز البيانات، النّماذج)، لا إلى تطبيقات المحادثة التّقليديّة.
• صبر رأس المال يتضاءل؛ اشتراط الدّفعة الثّانية يعبّر عن إصرار المستثمرين على مسارٍ واضحٍ نحو الرّبحيّة، حتّى في قطاعات النّموّ الفائق.
• التّوزيع الجغرافيّ محوريٌّ؛ إذا كانت "أوبن إيه آي" تعيد صناعة "وادي السّيليكون" إلى حضنها، فعلى المستثمر الإقليميّ الذّكيّ أن يبحث عن الفرص الخفيّة في أسواق البيانات والسّحابة الأقلّ ازدحاماً.
الدّرس الأكبر؟ في عالمٍ يتسابق الجميع فيه نحو أدوات الذّكاء الاصطناعيّ النّهائيّة، يبقى السّباق الحقيقيّ على من يمتلك "مجارف الحفر"، وقد باتت قيمتها اليوم 40 مليار دولارٍ.