الرئيسية الأخبار الدولار يهبط إلى عتبة 8000 ليرة سورية بعد إعلان رفع العقوبات

الدولار يهبط إلى عتبة 8000 ليرة سورية بعد إعلان رفع العقوبات

بمجرد رفع العقوبات تدافعت الدولارات إلى السوق فتزحزحت الموازين وتراجعت العملة الأمريكية الى 8000 ليرة سورية

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

في خطوةٍ وُصفت بالمفاجئة، أعلن الرئيسُ الأميركيّ دونالد ترامب، خلال مُشاركته في مُنتدى الاستثمارات المُنعقد في الرياض، عن رفع جميع العقوبات الأميركيّة المفروضة على سوريا، مُوضحاً أنّ القرار يدخلُ حيّز التنفيذ الفوريّ، ومُشيراً إلى أنّ الغاية من هذه الخطوة هي «إتاحةُ الفرصة للنموّ». وقد شكّل هذا الإعلانُ تحوّلاً كبيراً في موقف واشنطن من الملفّ السوري، وفتح الباب أمام سلسلةٍ من التغيّرات السريعة في الأسواق المالية داخل سوريا. [1]

ولم تكن الولاياتُ المتحدةُ وحدها في هذا التوجّه، إذ سبقها الاتحادُ الأوروبيّ في 24 فبراير 2025 بإصدار قرارٍ يقضي بتعليقٍ واسع النطاق للعقوبات المفروضة على سوريا، شمل قيوداً طويلة الأمد كانت مفروضةً على قطاعات الطاقة والمصارف. وقد اعتُبر ذلك بمثابة تمهيدٍ دبلوماسيّ لإعادة الانفتاح على الاقتصاد السوريّ، بعد سنواتٍ من العزلة شبه التامة. [2]

في السياق ذاته، أعلنت الحكومةُ البريطانيّةُ في أواخر أبريل عن إلغاء حزمةٍ عقوباتٍ شملت 12 كياناً حكوميّاً سوريّاً، لتلتحق بركب الخطوات الأوروبية والأميركيّة التي اتّخذت مساراً متقارباً في دعم الانفتاح الاقتصاديّ على دمشق. [3]

وسرعان ما انعكست هذه التطوّراتُ السياسيةُ على الأسواق السورية، إذ شهد سعرُ صرف الدولار في السوق الموازية مساء الإثنين 13 مايو 2025 انخفاضاً حادّاً. ففي حدود الساعة السابعة مساءً، سُجّل الدولارُ عند نحو 9,600 ليرةٍ للشراء و10,000 للمبيع، بحسب موقع Eqtsad [14]، الذي يُتابعُ تطورات السوق الموازية في عدّة مدنٍ سورية. ثم بدأ السعرُ بالهبوط السريع مع توالي الأخبار، حيث وصل عند الساعة 7:30 مساءً في دمشق إلى نحو 8,300 ليرةٍ للشراء و8,700 ليرةٍ للمبيع، وفقاً لما أفاد به موقع LiraToday [5]. أمّا موقع SP-Today [4], فقد أشار إلى تسجيل السعر عند حدود الساعة 8:15 مساءً بين 8,500 و8,900 ليرةٍ.

ورغم التباين الطفيف في التقديرات بين هذه المنصات، إلّا أنّ جميعها أجمعت على تجاوز الدولار لحاجز 9,000 ليرةٍ نزولاً، مع اقترابه الواضح من مستوى 8,000 ليرةٍ، وهو ما لم تشهدهُ السوقُ منذ سنواتٍ طويلةٍ.

وعند النظر في حركة الليرة السوريّة مُنذ مطلع العام، يُمكنُ تبيّن التحوّل الكبير الذي طرأ خلال وقتٍ قصير. ففي يناير 2025، كانت الليرةُ تُتداول عند مستوياتٍ تقاربُ 11,200 ليرةٍ لكلّ دولار، بحسب موقع B2B-SY [6]. ثم ارتفع الدولارُ بشكلٍ مُطّرد حتى بلغ أكثر من 13,000 ليرةٍ في أواخر مارس، مُتأثراً بضغوطٍ موسميّةٍ وارتفاعٍ في الطلب التجاري، قبل أن تبدأ موجةُ التراجع الحاد بعد الإعلان عن تخفيف العقوبات. وكانت تقاريرُ سابقةُ، نُشرت في موقع طيف بوست, قد رجّحت إمكانية هبوط الدولار إلى نطاقٍ يتراوحُ بين 7,500 و8,000 ليرة، في حال تحقّق اختراقٍ دبلوماسيّ حقيقيّ على صعيد الملفّات الاقتصاديّة الدوليّة العالقة.

وقد علّقت عدةُ مؤسساتٍ تحليليةٍ على هذا التغيير الدراماتيكيّ في السوق. فرأت منصة Markets.com أنّ التدفقات النقديّة المنتظرة من دول الخليج العربيّ قادرةً على دعم استقرار الليرة واستمرار مسارها الصاعد، بشرط تنفيذ إصلاحاتٍ حقيقيةٍ على مستوى البُنية الاقتصادية والحوكمة المالية. [8]

في المقابل، حذّرت CNN Business Arabic من أنّ هذه المكاسب قد لا تكون مستدامةً بالضرورة، إذ لا تزالُ عواملُ الخطر قائمةً، خصوصاً مع احتمال ارتفاع الطلب الداخليّ على الدولار في إطار عمليات إعادة الإعمار وتمويل المشاريع الكبرى. [9]

من ناحيته، أكّد البرلمانُ الأوروبيّ في تحليلٍ نُشر على موقعه الرسميّ أنّ رفع العقوبات يظلّ مشروطاً بتقدّمٍ ملموسٍ في العملية السياسية، ما يجعلُ من استدامة التحسّن النقدي والاقتصادي مسألةً قابلةً للانتكاس في حال تعثّرت التسوياتُ الدولية. [10]

أما على صعيد الآثار المحتملة على الاقتصاد الحقيقيّ، فيُتوقّعُ أن ينعكس تحسُّن قيمة الليرة على تكاليف الاستيراد، التي قد تنخفضُ بنسبةٍ تصلُ إلى 20% إذا استقرّ سعرُ الصرف دون 9,000 ليرةٍ. وهذا من شأنه أن يُخفّف من الضغط على أسعار السلع والخدمات الأساسية في السوق المحليّة، ويوفّرُ فرصةً للشركات الصغيرة والمتوسطة لتوسيع نطاق استيرادها للمواد الخام والمعدّات. [11]

كذلك، قد تُتيحُ إعادةُ الربط المحتملةُ بنظام التحويلات البنكيّة الدوليّة (SWIFT) للبنوك الخاصّة التي رُفعتْ عنها العقوباتُ استئناف نشاطها الخارجي خلال الأسابيع المقبلة، ما يُعدّ نقلةً نوعيّةً في بيئة الأعمال المصرفيّة داخل سوريا. [12]

ويُنتظرُ أن يكون قطاعُ الطاقة أول المستفيدين من هذا الانفتاح، بعد أن شمل القرارُ الأوروبيّ استثناءاتٍ صريحةً تتعلّقُ بالسوق النفطيّة، ما قد يُمهّدُ لعودة الاستثمارات في إنتاج وتصدير الغاز والنفط. [13]

في هذا الإطار، تتّجهُ الأنظارُ نحو ردّ مصرف سوريا المركزيّ, والذي يُتوقّعُ أن يُعلنهُ رسميّاً خلال الساعات القادمة، بشأن تبنّي سعرٍ تدخليّ جديدٍ يُحدّدُ من خلاله الاتجاه النقدي الرسمي في الفترة المقبلة.

في موازاة ذلك، تعملُ الجهاتُ الأوروبيّةُ على تنظيم مؤتمر بروكسل المُقرّر في يونيو القادم، والذي يتضمّنُ في جدول أعماله إنشاء صندوقٍ مشتركٍ لإعادة الإعمار في سوريا، بما يُعزّزُ الاستقرار المالي والنقدي إذا تمّ تنفيذُه فعليّاً. [14]

وقد دعت تحليلاتٌ اقتصاديّةٌ نُشرت في شبكة Al Jazeera المستثمرين إلى توخّي الحذر، مُشدّدةً على ضرورة الموازنة بين الاستفادة من حالة الانفراج النقدي الحالية، والحذر من احتمال عودة العقوبات بشكلٍ جزئيٍ إذا تعثّرت المسارُ الأساسية.

وفي المحصّلة، يُمكن اعتبارُ تراجع الدولار إلى مستوى 8,000 ليرةٍ لحظةً محوريّةً في المسار الاقتصادي السوري، بعد سنواتٍ طويلةٍ من الانهيار المتواصل. لكنّ هذا الإنجاز النقدي، رغم رمزيّته، يبقى هشّاً ومعتمداً على قدرة الحكومة السوريّة على استثمار الفرصة الراهنة لتنفيذ إصلاحاتٍ جوهرية، وضخّ رؤوس أموالٍ حقيقيّةٍ في قطاعاتٍ حيويّةٍ كالبنية التحتيّة والطاقة، لضمان تحوّل الاستقرار الظرفيّ إلى مسارٍ دائمٍ ومستدامٍ.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: